العدالة لفارس الحباشنة: لا لصمت الرصاص على الكلمة الحرة - بوابة اخر ساعة

0 تعليق ارسل طباعة
جو 24 :

 

 

في مشهد مؤلم وصادم، تعرّض الصحفي الأردني المعروف فارس الحباشنة لاعتداء وحشي وجبان أمام منزله في العاصمة عمّان، في جريمة تُمثّل انتكاسة خطيرة لحرية الصحافة وتعبيراً فاضحاً عن عقلية الاستبداد ومحاولات إسكات الكلمة الحرة في الأردن.

لم يكن ما جرى مجرد حادثة اعتداء عادية، بل هو اعتداء سافر على جوهر الدولة المدنية، على الكلمة الحرة، وعلى حق المواطن في المعرفة. فالضحية هنا ليس فقط صحفياً ملتزماً بمهنته، بل هو ضمير حيّ ظل يكتب بشجاعة عن قضايا الفساد والظلم وتغوّل النفوذ، دون أن يساوم أو يهادن. من اعتدى على فارس، لم يعتدِ عليه كشخص، بل استهدف ما يُمثله: الصحافة الجريئة، والحقيقة الموجعة، والكرامة التي لا تُشترى.

إن هذه الجريمة الشنيعة لا يمكن فصلها عن المناخ العام الذي باتت فيه حرية التعبير مهددة، وأصبح فيه الصوت المستقل هدفًا مشروعًا لمن لا يحتملون النقد أو كشف المستور. وهي بهذا المعنى، ليست حادثة فردية، بل مؤشر خطير على الانحدار الذي يمكن أن تصل إليه الأمور إذا استمر الصمت، وإذا لم تكن هناك وقفة حاسمة.

نُدين هذا الاعتداء بأشد العبارات، ونعتبره جرس إنذار لكل من يهمّه أمر هذا الوطن. كما نحمل كامل المسؤولية لكل من حرّض أو حرّضوا، تواطأوا أو سكتوا، ونعوّل على السلطات القضائية والأمنية في أن تلاحق الجناة بسرعة وحزم، وألا تأخذها في الحق لومة لائم. لا نريد وعودًا فضفاضة أو لجان تحقيق تذوب في الزحام، بل نريد أفعالًا تؤكد أن العدالة لا تُفرّق بين قويّ وضعيف، ولا تُساير من يتوهمون أنهم فوق القانون.

السكوت على هذه الجريمة هو خيانة لقيم الديمقراطية ولتاريخ الصحافة الأردنية التي قدّمت تضحيات جسام من أجل البقاء صوتًا للناس. وأي تهاون في هذه القضية هو دعوة صريحة لتكرارها. لهذا فإن الانتصار لفارس الحباشنة اليوم هو انتصار لكل صحفي نزيه، ولكل كلمة حرة، ولكل مواطن يحلم بدولة القانون.

لقد آن الأوان لنعترف أن حرية الصحافة ليست ترفاً، بل حجر أساس لأي مجتمع حيّ. وإن لم نحفظ كرامة الصحفي اليوم، فغداً لن يكون هناك من يكتب، ولن يكون هناك من يفضح، ولن يكون هناك من يسأل. عندها سيعم الصمت، وسيتحول الوطن إلى مسرح للرعب والتسلط.

نقف اليوم مع فارس، ومع كل قلم شريف، ونقول بصوت عالٍ: لن تمرّ هذه الجريمة بصمت. العدالة لفارس الحباشنة، والكرامة للصحافة، ولا حصانة لمرتكبي الجُبن مهما علا نفوذهم.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق