صمت «الفيدرالي» في زمن الضجيج - بوابة اخر ساعة

0 تعليق ارسل طباعة

حتى لو ظنّ الاحتياطي الفيدرالي أن هناك فرصة سانحة لاستئناف حملة خفض أسعار الفائدة، فإن تراجعه الآن يصبح خطراً، بسبب الضغط السياسي المتواصل، الذي مارسه الرئيس دونالد ترامب عليه، لتخفيف السياسة النقدية.
ولا يقتصر الأمر على عناد رئيسه جيروم باول، الذي أبقى أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الرابعة على التوالي، فأهم مخاوف الفيدرالي في هذه المرحلة من دورة السياسة النقدية، هي أن الأسواق والشركات والأسر لن تصدق امتلاكه القدرة، أو الدعم السياسي اللازمين لمحو آخر آثار التضخم الزائد، وإعادة توقعاته بشكل دائم إلى هدف المركزي البالغ 2%.
ولو حدث أن جرى أي خفض لسعر الفائدة، خاصة أن أسواق العقود الآجلة لا تتوقع تحركاً حتى سبتمبر/ أيلول، لظن الجميع أن البيت الأبيض هو من أقرّ هذه الخطوة، إذ أصبحت دعوات ترامب المتكررة للفيدرالي بشأن خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار نقطة مئوية كاملة على الفور، بمثابة تحذيرات متكررة.
لكن ذلك لم يحدث، ولوّح ترامب مرة أخرى بفكرة إقالة باول، الذي تنتهي ولايته مطلع العام المقبل. وبصرف النظر عن عدم قانونية ذلك، لا يزال الضغط السياسي على أكبر مؤسسة نقدية في العالم لمراجعة سياستها يزداد.
أواخر الشهر الماضي، استدعى ترامب رئيس الفيدرالي لإبلاغه بضرورة خفض أسعار الفائدة، ليُصدر الأخير بياناً متسرعاً، أكد فيه استقلال مؤسسته السياسي، وأنه لم يناقش خطط أسعار الفائدة مع ترامب، ليُعقّب سيد البيت الأبيض، بأن ترشيحه لخليفة باول «سيُعلن عنه قريباً جداً»، وأن محافظ الاحتياطي الفيدرالي السابق كيفن وارش «موضع تقدير كبير».
وتشير المعطيات إلى أن هذا الضغط سيستمر، ومن المرجح أن يزداد في كل مرة يكون فيها التضخم أو قراءة سوق العمل ضعيفة، وكلاهما شهدناه الأسبوع الماضي، ناهيك عن أن البنوك المركزية الأخرى في مجموعة السبع، قد ترفع أسعار الفائدة لديها. وأفضل تحوط للفيدرالي حينها هو بقاء معدلات التضخم السنوية الأساسية، ما يُعرف بمؤشر أسعار المستهلك ومقياس نفقات الاستهلاك الشخصي، عند 2.5% أو أعلى.
وتجدر الإشارة إلى أن الحرب التجارية المستمرة، تُهدد برفع أسعار الواردات، بينما تُثير الحروب العسكرية الساخنة حالياً في عدة مناطق احتمال ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً. والصورة ضبابية في أحسن الأحوال، حيث كان من شبه المؤكد أن يبقي الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة ثابتة مرة أخرى، أثناء تقييمه للوضع الراهن.
ولكن ربما يكون الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للبنك المركزي، هو ارتفاع توقعات التضخم، والتي لا تزال تتراوح على مدى خمس سنوات بين 2.6% و4.1%، وفقاً لاستطلاعات شهرية للمركزي في نيويورك وجامعة ميشيغان على التوالي.
أما الأسواق، فهي أكثر تفاؤلاً بشكل طفيف فقط، حيث يبلغ مؤشر «التعادل» لخمس سنوات من سوق سندات الخزانة المحمية من التضخم، ومبادلة التضخم لخمس سنوات 2.3% و2.5% على التوالي. وعلى مدى عشر سنوات، ترى الأسواق أن توقعات التضخم في الولايات المتحدة، هي الأسوأ بين دول مجموعة السبع.
باختصار، لم يُقنع الاحتياطي الفيدرالي العائلات ولا الأسواق المالية بعد بأنه سيعيد التضخم إلى هدفه على المدى المتوسط. لذا، حتى لو توافرت حجة مقنعة لخفض أسعار الفائدة في هذه المرحلة، مثل المخاوف بشأن تأثير الحرب التجارية على النشاط الاقتصادي، فقد لا يستجيب البنك خوفاً من تأجيج تلك التوقعات نفسها، والظهور بمظهر المستسلم للضغوط السياسية.
كما أن السماح لمخاوف التضخم، التي تتجاوز الهدف بالترسخ بمرور الوقت يُهدد بتأكيد علاوات مخاطر أعلى في السندات طويلة الأجل، وإضعاف الدولار على المدى الطويل، وذلك بالإشارة إلى أن المستثمرين قد لا يحصلون على تعويض كافٍ عن تآكل التضخم بمرور الوقت. بالتالي، فإن استقلالية الاحتياطي الفيدرالي ومصداقيته أهم بكثير من توقيت أي خطوة سياسية، وهذه حجة يكررها باول وزملاؤه مراراً وتكراراً.
وصرح باتريك هاركر، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، بأنه من الأهمية بمكان أن تكون القرارات المتعلقة بالسياسة النقدية خالية من الضجيج والتأثيرات الخارجية. والسؤال إذن، إلى أي مدى يجب أن يتدهور وضع الوظائف، أو إلى أي مدى يجب أن ينخفض التضخم بشكل أعمق، حتى يثق الاحتياطي الفيدرالي في أن خفض أسعار الفائدة لن يثير شكوكاً حول وجود ضغوط سياسية ولإثبات استقلاليته، ربما يتعين عليه البقاء مكتوف الأيدي لفترة أطول، مما كان ليفعل لولا ذلك.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق